(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
تفاسير سور من القرآن
92509 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ

وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ .


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يقول الله جل وعلا : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ .
لما أمر الله جل وعلا ونهى في هذه الآية الكريمة، وبين عظائم آياته وبرهان عبادته وربوبيته أنه الرب وحده والمعبود وحده، وبين أنه أنزل إلى هذه الخلائق كتابا فصله على علم هدى ورحمة؛ بين هنا أن الناس الذين أنزل عليهم هذا الكتاب لهم شبه بعنصرهم الأول وهو الأرض، وشبه الوحي الذي أنزله على نبينا صلى الله عليه وسلم بالمطر .
فالوحي كثيرا ما يشبه بالمطر كما أوضحناه في سورة البقرة بالكلام على قوله: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ الآيات؛ فكما أن المطر يحيي الله به الأرض بعد موتها، وينبت به النباتات والزروع والثمار، وينعش به الحيوانات، ويغير به لبني آدم مصالحهم الدنيوية؛ فكذلك القرآن هو مطر أرض القلوب.
إذا نزل مطر القرآن على أرض القلوب أثمرت القلوب ثمراتها الرائعة اليانعة من الإيمان بالله والتقوى والخشية والإنابة والإيثار، وطاعة الله جل وعلا والخوف منه والانقياد لأوامره والتباعد لنواهيه. فالقرآن مطر القلوب، والأرض كأنها المطر الذي يثمر فيه القرآن، كما أن الأرض هي مطر السحاب التي يثمر فيها. فضرب الله المثل هنا لقلوب بني آدم؛ بأن بينهم شبها وبين الأرض، لأنها أصلهم وعنصرهم الذي خلقوا منه.
فإذا نزل المطر من السماء وأصاب أرضا طيبة أثر فيها أثرا شديدا؛ فأنبتت الزروع والحبوب والثمار والعشب والكلأ الكثير، وصارت ترفل في حلل زينتها من أنواع النباتات. وإذا نزل المطر على أرض سبخة خبيثة لا تقبل النبات؛ كلما ازداد نزول المطر عليها ازدادت خبثا لا تمسك ماء عذبا يشرب منه، ولا تنبت مرعى يرتع فيه، ولا ثمارا ولا زروعا تؤكل.
فهذا مثل ضربه الله لقلب المؤمن وقلب الكافر. وضرب المثل للقرآن بأنه مطر القلوب المثمر فيها، كما أن مطر السحاب هو مطر الأرض المثمر فيها. قال: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ أصل البلد الطيب من الأرض إذا صادفه المطر الكثير يخرج نباته بإذن ربه أحسن ما يكون، يخرج نباته نباتا حسنا فيه الزروع والثمار والأعشاب والكلأ، وكل ما ينتفع به الناس في أمور معاشهم.
هذا هو الْبَلَدُ الطَّيِّبُ كذلك القلب الطيب إذا نزلت عليه أمطار القرآن زواجره ونواهيه ومواعظه وحلاله وحرامه؛ أثمر ذلك القرآن في ذلك القلب ثمرات أحسن من ثمرات الأرض الطيبة إذا نزل عليها المطر؛ فأثمر الإيمان بالله والتطهر من أدناس المعاصي والكفر، وامتثال أمر الله واجتناب نواهيه.
وكل خصلة حسنة يظهرها مطر القرآن في قلب المؤمن كالخشية من الله، والتوبة عند الزلات، والإنابة إليه والسخاء والشجاعة، والرضا بقضاء الله والإيثار وعدم الشح، إلى غير ذلك من خصال الإسلام الكريمة الجميلة .
وَالَّذِي خَبُثَ ؛ أي والبلد الذي خبث كالبلد الذي يكون سبخا خبيثا لا يخرج نباته ولو تتالت عليه الأمطار. إِلَّا نَكِدًا إلا في حال كونه نَكِدًا عسير الخروج، لا خير فيه ولا منفعة فيه البتة، يخرج بعسر غاية العسر، ويخرج مسلوبا من الخير والنفع؛ وأصل النكد في لغة العرب العسير.
لا يخرج إلا في حال كونه نَكِدًا ؛ أي عسير الخروج مسلوب الفائدة، لا ينتفع به في أكل الناس ولا أكل الأنعام؛ إذ لا فائدة فيه؛ فكذلك قلب الكافر لا يثمر إلا نكدا عسيرا ثمرة لا فائدة فيها كالأرض السبخة إذا كثرت عليها الأمطار لا تثمر شيئا فيه فائدة .
وهذا المثل بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى الأشعري المتفق عليه بيانا واضحا وفيه: إن مثل ما بعثني الله به من العلم والهدى كمثل غيث كثير أصاب أرضا فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، كان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا،وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء؛ فذلك مثل من فقه في الدين ونفعه الله بما بعثني به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به .
والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح الذي اتفق عليه مسلم والبخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، بين أن قلوب البشر بالنسبة إلى أمطار القرآن ثلاثة أنواع.
قلب كالأرض الطيبة إذا نزلت عليه أمطار القرآن أنبت العشب والكلأ الكثير؛ معناه أنه يثمر فيه القرآن ومواعظه فيجمع بين العلم به والعمل؛ فيتعلم معانيه ويفهم حكمه ويعمل بها ويعلمها غيره .
وفي حديث البخاري من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه: خيركم من تعلم القرآن وعلمه وفي رواية في صحيح البخاري إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ؛ فهذه هي الطائفة الأولى من الطوائف الثلاثة الذي شبهها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه بالأرض الطيبة القابلة للماء المنبتة للكلأ والعشب الكثير.
فكذلك القلوب الطيبة تثمر فيها مواعظ القرآن الثمرات الكثيرة الطيبة؛ فترى صاحبها خائفا من الله، طامعا في فضل الله، مطيعا لله متباعدا عن معاصي الله، ممتثلا جميع الأوامر متباعدا عن انتهاك شيء من النواهي، فهذه الطائفة الأولى.
الطائفة الثانية ضرب لها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه مثلا بأنها كأنها أجادب ليس فيها مرعى، ولكن فيها مناقع تمسك الماء فيسيل الماء ويحبس فيها، فتكون مجتمعة فيها مياه كثيرة.
ثم هذه المياه ينفع الله بها خلقه؛ منهم من يأتي فيشرب، ومنهم من يسقي مواشيه من هذا الماء، ومنهم من يسلطه على زروعه وبساتينه فينتفع بهذا الماء. وهذه الطائفة هي التي حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم الذي جاء به من القرآن والحديث الصحيح، ولم يكن عندهم من قوة الفهم ما يتفهمون في معانيه، ويطلعون على أسراره وحكمه.
فهم كهذا المستنقع الذي أمسك هذا الماء حتى انتفع به آخرون؛ فهم يحفظون ذلك العلم فيرويه عنهم فطاحل علماء يقفون على أسراره، ويفهمون معانيه، ويستنبطون منه.
فكذلك هذا الماء الذي أمسكته هذه الأجادب لن ينبت هو في نفسه، ولكن الله نفع به الناس؛ حيث شربوا منه وسقوا مواشيهم وزروعهم؛ كذلك هؤلاء يحفظون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله عليه، ولم تكن أفهامهم بالغة أفهام فطاحل العلماء.
إلا أن العلماء يروونه عنهم رواية صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم؛ فيتفهمون في معانيه، ويقفون على أسراره، ويستنبطون منه، ويبينونه للناس؛ هذه الطائفة الثانية، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ؛ فترى بعض الأئمة العظام يروي حديثا صحيحا.
وبعض رواته ليس من أهل العلم، وليس من أهل الاستنباط والخوض في معاني الكتاب والسنة؛ فيحفظ عنه ذلك الفحل من فحول الأئمة ذلك الحديث مثلا فيستنبط منه الأحكام، ويبين فيه الأسرار المشتملة عليه.
أما الطائفة الثالثة هي التي ضرب لها مثلا بالأرض السبخة التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، وهذه مضروبة لقلوب الكفار والمنافقين كلما تتابعت عليهم المواعظ، وسمعوا آيات القرآن تتلى، وأسمعوا مواعظه وزواجره كان يمر على قلوبهم بغير أن يستفيدوا شيئا؛ كما أن تلك الأرض السبخة كلما تتابع عليها المطر لم تزدد إلا خبثا لم تمسك ماء عذبا يشرب منه، ولم تنبت للناس كلأ ولا عشبا.
فقلوب هؤلاء لم تحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم علما يروى عنهم حتى ينتفع به غيرهم، ولم ينتفعوا بأنفسهم مما سمعوا منه صلى الله عليه وسلم؛ فهم كالسباخ التي لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ؛ وهذا مثل عظيم ضربه الله. وجرت العادة أن الكتب السماوية تكثر فيها ضروب الأمثال ؛ لأن المثل يصير المعقول كالمحسوس.
ولذا قال الله: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وبين أن الأمثال لا يفهمها عن الله إلا أهل العلم؛ حيث قال في العنكبوت : وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ وبين جل وعلا أنه لا يستحيي أن يضرب مثلا ما كائنا ما كان، وأن الأمثال التي يضرب يهدي الله بها قوما أراد هداهم، وتكون سببا لضلال آخرين أراد الله إضلالهم.
فهي من فتنة الله التي يضل بها من يشاء ويهدي من يشاء، وذلك في قوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ثم قال: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ هذه أمثال القرآن يهدي الله بها من يريد هداه، وما يضل بها إلا الفاسقين.
ولما سمع الكفار سمعوا الله يضرب المثل بالكلب في قوله: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ويضرب المثل بالحمار في قوله: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ويضرب المثل بالذباب: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا .
وسمعوه يضرب المثل بهذه الأشياء قالوا: الله أعظم وأكبر وأنزه من أن يذكر الحمار والكلب والذباب والعنكبوت؛ فهذا الكلام الذي فيه هذه الحقيرات ليس من كلام الله لأن الله أعظم من هذا.
فبين الله أنه يضرب الأمثال، ويبين العلوم العظيمة الجليلة في ضرب الأمثال في أمور حقيرة ؛ ولذا قال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ؛ فترى الذباب من أحقر الأشياء، ولكن المثل المضروب فيه من أعظم العلوم -يبين للناس أن المعبودات من دون الله بالغة من التفاهة وعدم الفائدة ما يجعلها لا تقدر على خلق الذباب، ولو تسلط الذباب عليها فانتزع منها شيئا ما قدرت على أن تنتصف منه.
وهذا من التحقير والتصغير للمعبود من دون الله يقتضي علما عظيما له قدره ومكانته وهو إفراد الله بالعبادة، وإدراك أن ما سواه لا يغني شيئا.
وكذلك ضربه المثل بالعنكبوت؛ لأنه يبين أن بيت العنكبوت الذي تنسجه من خيوط ريقها لا يغني شيئا عن أحد؛ فكذلك المعبودات من دون الله فالشيء في نفسه حقير، والعلم المبين في ضرب المثل فيه علم عظيم كريم له مكانته وقدره؛ ولذا قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا .
وبهذه الآيات وهذه الأمثال التي ذكرنا يجب على المسلم أن يخاف من سخط الله، وألا يكون قلبه كالأرض السبخة التي لا تنتفع بمواعظ القرآن ولا بزواجره، ويسأل الله أن يجعل أرض قلبه طيبة قابلة لمواعظ القرآن وزواجره وأوامره ونواهيه.
فإن من كانت أرض قلبه طيبة انتفع بمواعظ هذا القرآن ونفعته أوامره فامتثلها، وزواجره فاجتنبها وأمثاله فاعتبر بها، وقصصه فاعتبر بها؛ فعلينا جميعا أن نسأل الله ألا يجعل قلوبنا كالأرض السبخة التي لا تنتفع بما ينزل عليها من أمطار الوحي، وأن يجعل أرض قلوبنا كالأرض الطيبة القابلة للإثمار وإنبات العشب والكلأ الكثير، والتفكر في آيات الله جل وعلا؛ لتثمر الخير كله من الإيمان بالله وطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه، وهذا معنى قوله: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا .

line-bottom